Friday, Mar 29th, 2024 - 11:08:54

Article

Primary tabs

خاص برايفت ماغازين: رئيس مجلس أمناء الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم بشارة بشارة: «المشكلة تكمن في «الأنا» التي تؤثر سلباً على وحدة إغترابنا»

حوار: ميراي عيد
«الجامعة تبقى في ضمير ووجدان كلّ مغترب»

هم ثروة لبنان الحقيقية...هم الجنود المجهولون، هم المناضلون الإستثتائيّون الذين أثبتوا وفاءهم للوطن رغم المسافات البعيدة التي تفصلهم عنه. هم هيئة الإنقاذ المتأهبّة دائماً وأبداً لإنتشال المركب اللبناني من الغرق حين هبوب العاصفة. هم المغتربون اللبنانيون في العالم، هم الجناح الذي يمنع هذا البلد من السقوط عند كلّ مطبّ وعند كلّ مفترق. ففي السلم، تراهم جاهزين للمساهمة في البناء والإنماء وتوفير الإزدهار، وفي الأزمات تراهم يجولون بين عواصم القرار حاملين قضايا الوطن وهمومه.
ولعلّ الجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالم، هي أعمق وأبرز تجلٍّ لحراك المغتربين في الخارج، فهذه المنظمة كانت الصوت الصارخ في الخارج حينما كانت سياسة كمّ الأفواه سائدة في الداخل، كانت الداعم الإقتصادي المالي الأكبر الذي أمّن الحدّ الأدنى من الاستقرار ومنع الإنهيار على مرّ السنوات. لقد كانت تعمل بصمتٍ ورقي لتأمين قيام دولة قويّة تليق بأبنائها أينما تواجدوا.
ولهذه الجامعة تاريخٌ حافلٌ بالنجاحات والإنجازات والنضالات على مستوى العالم بما يؤكدّ ان اللبناني يبقى صانع المعجزات في كلّ زمان وكلّ مكان. ولهذه الجامعة أيضاً رؤساء إستثنائيين أثبتوا ريادتهم وتفوّقهم بما يجعلهم مصدر اطمئنانٍ وفخرٍ لكلّ لبنانيٍّ مقيم وكلّ مغترب. بشارة بشارة ابن بيت ملّات الطموح الذي هاجر إلى المكسيك، هو أحد هؤلاء الرؤساء الذين لم يفرّطوا في الأمانة، فهو الحريص على إستقلاليّة الجامعة والمدافع الشرس عن قضايا الوطن السياديّة الجوهرية. فصحيحٌ انه غادر الوطن في الجسد إلا أن القلب بقي في بيروت التي عاد إليها رجل أعمالٍ ناجح من الطراز الرفيع والرفيع جدّاً.
أسرة مجلتنا إلتقت رئيس مجلس أمناء الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم في لقاءٍ حواري تناول قضايا الجامعة وهموم الإغتراب.
وفي ما يلي أبرز ما جاء في الحوار.

- ماذا تقولون عن مسيرتكم الشخصية وتجربتكم الإغترابية المكللة بالنجاح؟
إن تجربتي الشخصيّة ليست سوى وليدة أسطورة نجاح اللبناني بالمطلق، فأنا وعلى غرار كافة الشباب الذين هاجروا بحثاً عن مستقبل أفضل، عملت وكافحت من أجل الوصول إلى ما أنا عليه اليوم، وهذه النزعة إلى الحريّة التي يغذّيها الطموح والثقة بالنفس تولد مع اللبناني وترسم له طريق نجاحه..
أنا غادرت لبنان مع بداية الأحداث في العام 1976، توجّهت إلى المكسيك من أجل إكمال علمي الجامعي والعودة إلى الوطن، حيث كان يتواجد عدد من الأقرباء وأبناء قريتي بيت ملّات، وهكذا بدأت أعمل بجهدٍ ومثابرة من دون كللٍ أو مللٍ رغم كلّ الصعوبات والتحدياّت والتعقيدات التي تواجه أي إنسان يتواجد في مجتمع كلّ شيءٍ فيه جديد بالنسبة إليه بما في ذلك اللغة التي تعتبر أساس التواصل، والحمد لله نجحت وأصبحت رجل أعمال ناجح وحققت طموحي من خلال مسيرة أفتخر بها.

- ما الذي يميّز الجامعة اللبنانية الثقافية، وكيف تقيّمون دورها؟
إستطاعت الجامعة أن تثبت إستقلاليّتها عبر تسجيلها كمؤسسة غير حكومية عابرة للقارات، وكانت قد سجلت كعضوٍ في الأمم المتحدة كأحد المنظمات غير الحكومية التابعة لها، الأمر الذي يؤمن لها الحماية القانونية لكلّ ما يخصّ الجامعة معنوياً ومادياً، والأهمّ هو حماية شعاراتها وإسمها من التزوير الذي يسعى إليه البعض، مع التأكيد بأن إستقلاليّة الجامعة تبقى الأساس، حتى تستطيع أن تفي بإلتزاماتها تجاه المغتربين وقضايا لبنان، إذ من المهمّ أن تكون الجامعة غير مرتهنة للسلطات اللبنانيّة أو للسياسيين كي تتمتّع بحريّة التصرّف وحريّة التحرك، علماً بأن نظامها الأساسي وقوانيها التي جرى العمل على تطوريها خلال السنوات الأخيرة حتى تكون عصريّة، تلحظ هذا الأمر بطريقة واضحة جدّاً.

- ماذا عن مجلس أمناء الجامعة الذي تترأسونه، ما هي صلاحياته ومهامه؟
إن مجلس الأمناء في الجامعة يضمّ الرؤساء السابقين ونوّابهم بالإضافة إلى أمناء العامين السابقين. المجلس هذا، هو عبارة عن سلطة إستشارية ورقابية مهمّة، وما كلمة أمناء سوى دليل على حفظ الأمانة في الجامعة والسهر على تطبيق قوانينها بشكلٍ سليم، إضافةً إلى تقديم المشورة للرئيس ودعمه بعمله.

- لماذا هذه الإنقسامات، وهل هي محاولات لتحجيم الجامعة ودورها على مستوى العالم؟
في آواخر العام 2000، كانت الأحزاب السياسية اللبنانيّة تحت سيطرة الوصاية، وكان الزعماء والقادة إمّا في المنفى أو في السجن، من هنا بدأت المؤامرة السياسيّة على الجامعة ولا تزال مستمرّة حتى اللحظة، على إعتبار ان الجامعة كانت المنظمة الوحيدة في الخارج التي تتمتع بحريّتها. وهي كانت المنظمة الوحيدة التي تستطيع أن تشرح للعالم حقيقة ما يحصل في الداخل اللبناني، من هنا إعتبرتها سلطة الوصاية مصدر خطر لأنها كانت قادرة على تحريك الرأي العام العالمي.

- ما هي الحلول المطلوبة برأيكم لإعادة الوحدة واللحمة إلى هذه الجامعة؟
هنا أحبّ أن أوضح بأنّنا كنّا دائماً منفتحين على الحلول أثناء الإدارات السابقة، منذ رئاستي ومع رئاسة إيلي حاكمه واليخاندرو خوري والياس كساب، كما ان الأمين العام السابق طوني قديسي الذي تولى الحوار مع الفريق الآخر «الفريق الشيعي» وكان دوره بالغ الأهميّة، بحيث إستطعنا أن نتوّصل إلى ورقة عمل مشتركة تمّ التوافق عليها في المجلس العام خلال المؤتمر الإستثنائي الذي عقد في المكسيك وكان هناك تقاربٌ حقيقيٌ وصادق. ولكن يهمني أن أشددّ على نقطة جوهريّة ألا وهي إستقلاليّة الجامعة التي تعتبر من المقدّسات، على إعتبار ان هدف إنشائها يكمن في تكوين نوع من لوبي لحماية سيادة وإستقلال بلدنا والحفاظ على تقالدينا وعلى علاقات متينة بين الجاليات اللبنانية المنتشرة في كلّ أنحاء العام. من هنا، حين كان لبنان يرزح تحت سلطة الوصاية خلال العام 2000، صنعنا إنتفاضة، بحيث أتت مجموعة مؤمنة بحريّة وسيادة وإستقلال لبنان وأحدثت نوعاً من الثورة في الخارج حين كانت الأحزاب اللبنانية مخترقة. والدليل على ذلك إصدار مجلس الأمن للقرار الدولي 1559، الذي ساهمت الجامعة في إقراره بعدما جال مندوبوها على دول العالم طالبين منها دعم وتأييد القرار. وبدل أن تكافأ الجامعة على دورها السيادي، يجري العمل اليوم على محاربتها ومحاولة تحجيمها بطريقة غير مباشرة، لخلق منظمات عالمية جديدة بديلة، إنما أنا أؤكد لهؤلاء بأن الجامعة هي في ضمير ووجدان كلّ مغترب، وهي تبقى اللاعب الأساسي، ذلك ان كلّ أفرادها ومحبّذيها هم مناضلون جبّارون ومستمرّون بعطاءاتهم لأنهم يؤمنون بها وبشرعيتها وإستقلاليتها في كلّ زمان وفي أيّ مكان.

- كيف تصفون العلاقة بين الجالية اللبنانية في المكسيك والسفارة؟
إن علاقة الجالية اللبنانيّة مع السفارة جيّدة على مستوى السفير والقنصل وكلّ أفراد السلك الديبلوماسي الذي تجمعنا بهم علاقة محبّة وإحترام، كما يوجد تعاونٌ دائمٌ مع الجامعة التي تأسّست في المكسيك في العام 1959، وقد مرّ على قياداتها 6 رؤساء تاريخيين على مستوى عالمي من خورخي طرابلسي إلى خوسي كامل وهارون طعمة وأنور خوري واليخندرو خوري. هذه السنة إحتفلنا بالعيد الـ 60 لتأسيس الجامعة خلال مؤتمر كولومبيا. وهنا لا بدّ من الإشارة، الى أن أعضاء الجامعة هم من خيرة أبناء الجالية وأصحاب نفوذ محلي ويحسب لهم ألف حساب، كما أن الجامعة تدين لهؤلاء في كثير من الأمور.

- كرجل أعمال مغترب، كيف تقيّمون الوضع الإقتصادي في لبنان، وهل من فرصٍ للاستثمار؟
لا شكّ بأنّ الوضع الإقتصادي في لبنان متأزم، وهذا الواقع يتطلّب مساعدة من المستثمرين لا سيّما المغتربين منهم بإعتبار أنهم يستطيعون تغيير المعطيات وإنقاذ الأوضاع، مع الإشارة إلى أن الجامعة الثقاقية وفي خلال مؤتمرها الأخير الذي عقد في كولومبيا أصدرت توصيات تتعلق بهذا الشأن، بحيث دعت إلى معالجة الفساد ومكافحته بالإضافة إلى غيرها من المسائل التي نسمعها ونعيشها حين نأتي إلى بيروت. بل إنّ قسماً كبيراً من المغتربين بات يعيش في الخارج وكأنّه في لبنان وذلك بفضل مواقع التواصل الإجتماعي. فصحيحٌ أننا بعيدون في الجسد عن وطننا إنما قلبنا وروحنا وكلّ تفكيرنا هو في لبنان. إنطلاقاً من هنا، نحن نتابع التجاذبات السياسية والخلافات المستمرة وتلك الأمور تجعلنا كمستثمرين خائفين، إنمّا ورغم ذلك، يبقى الدعم الإغترابي للبنان من خلال التحويلات أحد أهمّ ركائز الإقتصاد اللبناني، لكن نحن نريد ضمانات وتطمينات حتى نشعر بالأمان والإستقرار، فنرى على سبيل المثال أن هناك مؤسسات عديدة معفيّة من الضرائب نتيجة إرتباطها وعلاقاتها مع السياسيين، في حين أن هذه التسهيلات يجب أن تقدم للمستثمرين لا سيّما المغتربين منهم حتى يستثمروا في لبنان ويدعموا الإقتصاد. اليوم يجب أن يكون هناك تغيير جذري في النظرة إلى الإغتراب والإستثمار، فصحيحٌ أن هناك أزمة إقتصادية على مستوى العالم، لكن اللبناني يبقى متميّزاً أينما وجد، وعلى الدولة أن تؤمن له التسهيلات اللازمة حتى يتمكّن من الإستثمار في وطنه وبالتالي تحريك الإقتصاد الوطني.

- كلمة ختامية
أختم بالتشديد على أن أبواب الجامعة مفتوحة لكافة الأفرقاء الذين يريدون العمل من أجل الشعب اللبناني والمغتربين اللبنايين، مع التأكيد بأن المشكلة تكمن دائماً في «الأنا» التي تؤثر سلباً على وحدة إغترابنا إنّما لا أحد أكبر من الجامعة. وبالنسبة للوضع في لبنان، أنا أتمنى من المسؤولين العمل على أمرين:
- تأمين الإنسحاب من الصراع الإقليمي والعودة إلى كنف الدولة التي يجب أن تكون وحدها مسؤولة عن السلم الأهلي والدفاع عن الوطن بقواها الأمنية وعلى رأسها جيشنا الباسل.
- التراجع عن قانون نواب الإغتراب، فنحن لا نريد نواباً في الإغتراب، بل نريد أن تصب أصواتنا، كمغتربين، في قرانا ومدننا، فهدفنا أن نؤثر بالسياسة اللبنانية إيجابياً، حيث أن المغترب تمرّس بالديمقراطية في بلدان الإقامة وهو بعيد عن الترغيب والترهيب، وحيث أننا لا نريد أن ننقل الصراعات السياسية اللبنانية الضيقة إلى جالياتنا في الخارج.

Back to Top