بشار والهاوية وهولوكست الدروز.. بقلم المحامي جهاد ذبيان
يخطيء عميقا اذا اعتقد بشار الاسد انه منتصر في الحرب الدائرة على سوريا ومع سوريا ، ويخطيء اعداؤه اذا اعتقدوا انه سيخلع عن كرسي الحكم اليوم ، الحقيقة ان جميع اللاعبين العرب في الحرب السورية ومعهم لاعبون اقليميون نفذوا الاجندة الدولية العميقة لكن بطريقة شديدة الوحشية والقذارة في بعض الاحيان ما قضى وقتل الروح والهوية العربية التي حوصرت في سوريا بعض اتفاق كامب دايفد مع مصر ومسارات اوسلو ووادي عربة مع الباقين ، وبات اللاعبون الاقليميون يستعدون لملأ فراغ الهوية والانتماء ويسعون لدفن الروح العربية مع نهاية الجيل الحالي .
ان الحرب الدائرة في سوريا افرزت حقائق جديدة هي :
1. ان الحراك المطلبي بالديمقراطية والحرية وحقوق الانسان في سوريا العربية الموحدة على هذه الهوية تحول الى الوان حقوقية اخرى في العمق كردية وسنية ودرزية ومسيحية وحتى علوية اذا سقط نظامهم .
2. ان القمع الذي مورس ضد المطالب الحراكية والتي استفاد من وجودها الخارج المعادي لبشار لم يحافظ على النظام الاستبدادي والذي ربما كان ثقيلا حتى على بشار الاسد نفسه احيانا بل اصاب النظام الاستبدادي في مقتل ولم يلد نظام ديمقراطي يملأ الفراغ فباتت المعادلة ان بشار باق بارادة حلفائه واذا استطاع معادوه الدوليون والاقليميون ان يجعلوا عبء بقائه اكثر كلفة من فائدة هذا البقاء ولو على مسرح صراع اخر سيضحون به دون تردد . ما يعني ان بقائه مرهون بطاعته للنظام الدولي العميق دون غباء او استكبار او داء العظمة الشيطاني القاتل
3. ان النظام قتل حتى رموزا له بحجة الشهادة في الحرب حين برزوا اكثر من اللازم خوفا من ان يصبحوا بدلاء للرئيس السوري ما افرغه من طاقاته وعقله احيانا فبقي بشار وطار النظام ولم يبقى منه سوى يافطة يجملها رئيسه وهو يحتاج الى طاقات جديدة ستفرضها القوى الغالبة على الارض من روسيا وايران وحزب الله وان هذا قد يحرك بشار لمحاولة وضع قدم على الارض الاخرى المعادية لخلق التوازن وجعل نفسه نقطة توازن المصالح بين المتصارعين بصيغة لا غالب ولا مغلوب وفي ظنه انه يلعب لعبة القرد والقطتين السارقتين للجبنة ولم يفهم ان بلده هو الجبنة وانه ليس سوى حارس لاصحابها .
4. ان الدمار الذي يعقبه الاعمار ليس مسموحا ولا متاحا بالسهولة التي يتمناها ويخطط لها ، بل ان القروض الطويلة والتسهيلات والفوائد المخفضة قد تبني له البلد كقطاع عام وحتى كقطاع خاص من من ناصروه في الحرب من شعبه جزئيا لكن من يدفع يملي ارادته السياسية ولا يبقى من احترام السيادة الا الشكليات
لقد كتبت عام 2004 مقالة في جريدة اللواء بعنوان " بشار وحافة الهاوية " بينت الاحداث التي حصلت بعدها في سوريا بطريقة ولغة مسمارية ، واليوم اكتب هذه المقالة لان السؤال بات ملحا علي من البعض وهو ماذا بعد مقالة " بشار وحافة الهاوية " لاقول اسألوا الهاوية ومحفل العدم السحيق اين هو الان فعلا من طقوس البقاء والامانة انه يلفظ الفرصة الاخيرة اذا فكر ببقائه على حساب بلده ودون موافقة النظام الدولي العميق .
ان ما حصل مؤخرا في السويداء يعيد البحث عن هاوية بشار الاسد وهل ان هولوكست الدروز في السويداء وجبل العرب والتي سمح بها ضمنا تاتي ضمن من ما هو مطلوب منه من داعميه او انها جملة اضافها على النص وبكل حال ما هو تأثيرها على مستقبله السياسي والحقوقي لان المعركة القادمة قد تكون على مسرح المحافل الدولية لان الانتصار العسكري وحده غير قابل للصرف دون تسليم وقبول دولي بهذا النصر هذا اذا اعتبرنا الحسم العسكري نصرا في ظل تفسخ الديمغرافيا والهوية السورية شعبيا .
بقلم السفير المحامي د. جهاد نبيل ذبيان
- Log in to post comments
- 4334 reads